الأربعاء، 14 أكتوبر 2020

وَرَضُوا عَنْهُ

 

Photo by  Dyu - Ha


﴿ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ﴾

﴿ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾

 ﴿ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ﴾ وفي بعض تفسيرات هذه الآية توحي بالتتمة: يهدي الله لنوره "من يشاء أن يهتدي"..

آيتين من سورة التوبة والمائدة، وآية من سورة النور، وكثيرة هي الآيات التي أتت على هذا النحو، أي باستلزام تسليم من طرفنا.. أحيانا تذكُر أن التسليم  يكون بدايةَ من طرفنا، وأخرى أنه كان توفيقاً من الله سبحانه وتعالى أولا، ثم أتممناه..

وسأتوقف قليلا عند الآية الثانية : رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ،

"وَرَضُوا عَنْهُ"،

كيف نرضى عن الله ونحن نتمنى  ونطلب أولا رضاه؟ وهذا ما يجري في اعتقادنا الاعتيادي،

عادة نطلب رضى الله "اللهم رضاك" ولا ننتبه للشق الثاني "أن نرضى عنه"، أن نُسلّم له رضا ورضوان عنه وبه.. وهو حقيقةً في غنى عن هذا الرضا، بل نحن من في حاجته وان كان ظاهرا له..

وكثيرا ما يعز في نفسي هذا الشق، وأُعظِمُه لما ما فيه من تسليم كامل لم أصل لتمام مقامه .. وما يتطلبه من صدق واخلاص ويقين في كل أمر..

أن نرضى عن الله، يعني أن نرضى بكل ما يأتينا وما لا يأتينا..

أن يكون سرورنا بالنقمة كسرورنا بالنعمة كما يقول الشافعي..

أن نرضى بكل مدخل أو مخرج، حدث أو ابتلاء، عمل أو عيش، عطاء أو منع..

أن نرضى عن الله بكل ما أعطانا وان لم نصل لفهم معناه وسببه وهدفه ...

أن نرضى، يعني ايضا التسليم بأننا بلغنا كمالنا الخاص بما فيه من قصور، جيدنا وسيئِنا، قصتنا بما فيها من عثرات.. رضانا هو رضا عن أنفسنا ايضا..

وكله لنا..

ليرضى عنا ..

﴿ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾،

ولا أملك الا أن أقول؛ اللهم سعياً وتوفيقاً لهذا المقام ..




الأحد، 24 نوفمبر 2019

فهماً سليماً








اللهم فهماً سليماً مستقيماً لدينك،
وعلماً يؤدي إلى معرفتك،
اللهم قلباً مُحباً محسناً يسع البشرية جمعاً وفُرادً..
***
اللهم "رعشة من جمالك"
و"هزة من جلالك"
اللهم رعشة ما إن يتذوقها عبدٌ مرة، لن يرضى بإهدار قطرة دم إنسانٍ كرمته..
اللهم هذا المقام.. لنا ولعبادك.




الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

وَأَعِدُّوا


Photo by Andrii Podilnyk



أرى الدُّنيَا حَرباً،
السِّلمُ فيها اِستثناءٌ ..
لِهذه الحربِ عِدّةٌ،
لم نُولَد بِها..

***
وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)

﴿الأنفال﴾





الثلاثاء، 13 أغسطس 2019

تَبَنَّ تخصصك






"توريث لتبني التخصص"، هو مشروع تم العمل عليه ضمن مجتمع مصغر لتبني التخصصات، من خلال ضبط تصورنا عنها وتعزيز قيمها العلمية والعملية..
كما كيفية تحديد معايير للإمتياز الأدائي فيها، وكيف يمكن تحويلها للتطوع للإفادة منها وغير ذلك من الأبعاد.
الهدف الأساسي من المشروع، هو ربط التخصص بمعنى يستمر مع الشخص في الزمن، هذا المعنى عادة ما يكون شخصي، وهو ما يجعل العمل فيه ناجعاً والإفادة منه مثمرة.
المجموعة التي ضمت المشروع لها توجه روحاني، لذا معظم الإرتباطات تجدونها في ذلك الاتجاه، لكن أيضا مع وضع معايير للامتياز العملي والتطبيقي، الذي لا يلغي حتما شروط العلم التطبيقي والتجريبي، لأنه أصلا العلم والروحانية لا يتعارضان، بل يسيران معا كخطين متوازيين.
ولا تزال المجموعة مفتوحة للأشخاص الذين قرروا تبني تخصصاتهم بإبداع، عاملين وفق هذه الصيغة (ما يجب بحب) ، وفيها نماذج وآليات توضح عمل ذلك والقيام عليه ، وكل ذلك للارتقاء بتخصصاتنا لتكون (رسالة إضافة) أُعدّت بـ إحسان.
أما فيما يخص عرضي في التخصص فإنه عام، يمكن أن يطبق في عمومه بأخذ جوانبه الإجمالية من معاني، كما يمكن أن يُطوَّر بإضافة التخصص العلمي الدقيق وخطوات التميز فيه مشروحة بوضوح.






الجمعة، 12 يوليو 2019

ليس الحُبُّ الاحتفاظ بمن نُحِبُّ حولنا





يقول الأخصائي والمحلل النفسي الانجليزي "جون بولبي John Bowlby" في نظريته عن التعلق، أن الطفل يستخدم علاقته القوية مع الشخص الذي يمنحه الرعاية والعطف والاهتمام كـ"قاعدة آمنة" لاستكشاف العالم الخارجي. ويوضح أن التعلق يمثل التوازن بين حاجته إلى الشعور بالأمان والاطمئنان وحاجته لاكتشاف محيطه، ولا يمكن أن يفعل هذين الأمرين إن لم يتأكد من وجود هذه القاعدة الآمنة ليرجع إليها حينما يشعر أنه خائف أو مهدد أو محتاج إلى حماية.
فالطفل الذي يجلس في حضنك بحب وأمان، سيصل إلى مرحلة في حياته تُحَتّم عليه أن يذهب ليكتشف المحيط من حوله، وفي مرحلة أثناء سيره، سيعود ليلتفت وينظر إليك، فلو قلت له؛ اذهب يا صغيري، العالم مكان رائع، اذهب إليه، هناك الكثير من المرح، هناك أشياء عظيمة للاكتشاف والاستكشاف. سيتمكن هذا الطفل من الذهاب وتجربة الاتصال والانفصال في نفس الوقت، سينطلق خياله، وينطلق جسده، ولعبه، مع علمه أن هنالك أحداً ينتظره عندما يعود.
لكن إذا كان هناك شخص يقول لطفل آخر، أنا قلق، أنا حريص، أنا خائف عليك، لا يوجد شيء هناك، لدينا كل شيء تريده هنا، أنا هنا سأفعل لك ما تريده معي... هذا الطفل سيفضل أن يفقد جزءاً من ذاته على أن يفقد هذا الشخص المتعلق به. سيفضل أن يفقد حريته على أن يفقد الآخر، ولا يفقد الاتصال معه، وسيكبر ويحب ويتعلق مع قلق زائد، ولن يعرف كيف ينفصل ويترك ذاك الشخص من أجل الذهاب للعب وتجربة متعة الاستكشاف.
طفل آخر في نفس الوضعية قد يذهب لاكتشاف العالم، لكن سيظل يتساءل؛ هل سيقوم بتأنيبي؟، هل سيغضب مني؟... هذا الطفل قد يذهب، لكنه لن يكون قد ابتعد كثيرا، لأنه يشعر بالذنب، ذنب الاكتشاف !
طفل آخر ، قد يذهب ولا يعود!!.
لو نترجم هذه الوضعيات إلى لغة الكبار.. لغة العلاقات بين الراشدين.. وهذا من شأنه أن يفتح لنا أبواباً لمواضيع كثيرة.
فلو أراد أحد الطرفين في أي علاقة.. حب أو زواج .... أن يستمر في استكشاف هذا العالم وتجربة مغامراته، سيكون أمام وضعين:
من جهة يريد الأمان والاستمرارية مع هذا الشخص، ومن جهة أخرى يريد أن يجرب متعة المغامرة، ربما بتحقيق هدف أو حلم أو أمنية ما.. فمثلما يؤثر خوف وقلق الشخص المتعلق به على اكتشاف الطفل للعالم الخارجي، يؤثر أيضاً على أحد الطرفين في أية علاقة، فتقيد تلك الرغبة وذاك الشغف في أن يعرف أكثر عن هذا العالم.
كل هذا يعتمد على مدى توفر مسافة بين الطرفين، مسافة أمان تسمح بالاكتشاف، والاعتماد على الآخر مع العلم أنه هناك لا يزال ينتظره بنفس الحب.
هذا الأمر لن ينجح إلا إذا حافظ كلا الطرفان على هذه المسافة وقدسا أهميتها.
إنه ذكاء المسافة.. المسافة التي تجعلك تختبر مع نفس الشخص: الأمان، الراحة، الحب، الثقة، الألفة، والاستمرارية، وفي نفس الوقت: التجديد، المغامرة، المجازفة، الغموض والمخاطرة..
هي المسافة التي تسمح للعلاقة أن تستمر .. بأن تنظر إلى نفس الشخص على أنه مألوف ومعروف جداً، وفي نفس الوقت غامض وبعيد المنال إلى حد ما. هو الغموض الذي يجعلك تنظر إلى هذا الشخص بعيون جديدة.
هذه المسافة هي التي تسمح بالتوافق بين حاجات أساسية للإنسان، قد تبدو للوهلة الأولى أنها حاجات متناقضة يجب أن تتوفر في علاقة واحدة.
ومع ذلك..
لا تقتحموا تلك المسافة باسم الحب..
تلك المسافة هي تضمن أنك لم تخسر نفسك وإن أحببت شخصاً آخر
تلك المسافة التي تسمح لذاك الشغف أن يستمر، شغف الاستكشاف
تلك هي المسافة الخاصة بك.. وهي أيضا المسافة الخاصة بالطرف الآخر
هي تماما مسافة مقدسة.
كما تقول مورل مفروي مؤلفة رواية بنت مولانا:

"ليس الحُبُّ الاحتفاظ بمن نُحِبُّ حولنا، لكن الحُبّ رابطةٌ بينَ الناسِ تجعلُهم يزدهِرُون" .





الأربعاء، 10 يوليو 2019

لستُ أبحث عن الحقيقة

 Bud HelissonPhoto by 


مًنذُ بداية دراستي لعلم النفس تغيرت الكثيرُ من قناعاتي حول الناس وحول الإنسان ..
لم أعد أسأل لماذا هم هكذا ؟ لماذا يخوضون مع الخائضين ؟ لماذا لا يتوقفون لحظة ليعيدوا النظر في حياتهم ؟
القضية قضية وعي .. صحيح ؛
لكن ليس من السهل أن يواجه المرءُ ذاته. الكثير يتحاشى نفسه .. يتهرب منها .. لا ينظر جيّداً في المرآة ..
كيف وصل ليضع كل هذه الأقنعة .. مع أن الأقنعة ثقيلة ومُتعبة له ...
...
لم أعد أنظر إلى ما يُظهره الشخص ، بل إلى ما لا يستطيع إظهاره
لم أعد أسمع لما يقوله ، بل إلى تلك الكلمات التي لم يقلها
لم اعد انظر إلى ما يفعله ، بل إلى الأمور التي لا يفعلها
لم أعد أسأل ؛
لأن الأجوبة لا يمكن إدراكها إلا بـ"الصمت" .
لا يستطيع أحد أن ينظر إلى الصورة العامة للكون إلا إذا رآها في نفسه .
***
لستُ أبحث عن الحقيقة ..
بل أبحثُ عن الصِدق ..
عن اللحظة التي يكونُ فيها الإنسانُ
صَادقٌ تماماً مع نفسِه ..
اللحظة التي يكون فيها،
مرئِيٌ جِداً ..
شَفافٌ جِداً ..
هي اللحظة التي أستطِيعُ أن أرى فيها أيَّ شيء،
وكُلَ شَيء ..
***
- لماذا خُلقنا .. ؟
- الاجابة نعلمها جميعاً .... والطرائِق إلى ذلك متعددة ..
لا أدّعِي أن الطريق الذي أسلكه هو الصحيح، أو أنه الطريق الوحيد الموجود .
المبادئ نفسها .. الأسس نفسها .. المآل نفسه ، لكن الطريق مختلف .
"ان لله طرائق بعدد أنفاس الخلائق" ، ولكل امرئٍ طريقته، فقط اِختر طريقاً واسلكه .
هكذا أُحبّ أن أعيش .





الأربعاء، 25 يوليو 2018

لُطفٌ

Photo by Meriç Dağlı



كنهرٍ يتَدفَقُ مِن أعمقِ منابِع صِدقِي..
كمُوسِيقَى أَتحَسَّسُهَا بأناملٍ على أطرفِ جِلدِي..
كلمعانِ غروبِ شمسٍ دافئةٍ على بحرٍ هادِئٍ..
أوتارٌ رقِيقَةٌ وناعمةٌ تحمِلُ حُبِّي وسَعَادتِي..
أحمِيهَا بِصَبرِي وصَلابَتِي وتَجَلُّدِي..
وعبثاً أُحاوِلُ ألاّ أخَاف،
وفِي خَوفِي ثَروَتِي..