الأحد، 3 مارس 2013

نِعمٌ نَراهَا ولا نُبصِرُها..!


منذ أيام عندما كنت أتمشى على طريق الميناء، رأيت مجموعة من الشباب يتأملون باخرة فرنسية عملاقة، تحجب الأفق البحري من ضخامتها..
كانت نظراتهم إليها حزينة قرأت فيها الرغبة الشديدة للهجرة إلى فرنسا، كيف لا وفرنسا حلم كل شاب جزائري!!!.

  • أحمد من هؤلاء الشباب الدائمي الشكوى من وضع بلادهم، حلمه الأكبر السفر إلى بلدان العالم المتقدم لاكتساب جنسيتهم والاستقرار هناك، لكن الوضع المادي لا يسمح بذلك.. فأصبح  يندب حظه لأنه وُلد في بلد عربي متخلف، متمنيا لو كان أمريكيا أو أوروبيا أو حتى أستراليا.. المهم أن يولد وملعقة التقدم في فمه بدل التراب والغبار..!
لكني أقول، الحمد لله أني ولدت في هذا البلد العربي في هذا العالم النامي حاضرًا المتطور مستقبلا..
لنفرض مثلا لو ولدت في أمريكا وكنت أمريكية الأصل، فما الذي كان سيضمن لي أن أكون ضمن مجموعة فاسدة منحرفة، ما الذي كان سيضمن لي أن لا أكون من الجنس الثالث (أسأل الله أن يحفظنا أجمعين)، أو من أصحاب التثليث أو من غير المؤمنين بالله حتى..!!
بكل بساطة، لا شيء!!
فـ الحمد لله أني وُلدت في هذا الوطن العربي وعلى هذه الأرض الطيبة بخيرها وجمالها.. مائها وهوائها..

  • كنت في صغري عندما أسمع قصص الصحابة الكرام ومجالستهم لرسول الله ورؤيتهم له، أتحسّر لأني لم أكن في ذلك الزمن، لكن في نفس الوقت كنت أسأل نفسي "هل كنت سأؤمن برسول الله في ذلك الحين؟، هل كان قلبي سيهتدي إلى الإسلام؟ أو أبقى على دين أجدادي وأكفر بدين محمد؟ هل كنت سأحارب معه أم ضده.. ؟!!!"
   صراحة لا أدري !!!
فالحمد لله أني وُلدت في هذا الزمن وفي هذا المجتمع المسلم، والحمد لله أني خُلقت على فطرة الإسلام ولم تُشوّه روحي الصغيرة بالظلال المبين والكفر المهين.. الحمد لله..

كل ما تراه حولك كل ما تلمسه كل ما تشعر به هو نعمة من الله عز وجلّ يتوجب علينا الشكر والحمد عليها وهي حاضرة فينا قبل أن تزول وتندثر..
فمن لا يشكر على الشيء لا يستحق أن يكون له و " لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ "..
نعم الله لا تعد ولا تحصى، فلا يمكن حصرها ولا جمعها، الحمد والشكر في حد ذاته نعمة، نسأل الله أن لا يجعلنا من الغافلين عن ذكره وشكره..

  • في أحد الأيام قرر رجل من رجال الخير أن يحبس ماله لجمعية خيرية وتوزيع أرباح مؤسسته على الفقراء والمساكين بحيث يجعلها صدقة جارية له، وبهدف شكره على مبادرته قررت الجمعية إقامة حفل له دعت فيه الناس لحضوره.. عندما صعد الرجل الى المنصة لالقاء كلمته وقف الجميع يصفقون احتراما له الا واحد تقدم نحوه وقال له "اشكر الله انك ممن يُعطون ولست ممن يقفون في طابورٍ طويل أرهقهم ذل الطلب ومهانة السؤال أعطوه أو منعوه، احمد الله أنك ترفعت عن هذا الذل وحفظت ماء وجهك وكرامتك وعزتك..

الله دائما يخفض ليرفع، يذل ليعز، يضر لينفع.. يمنع ليعطي...
فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات والأرض وما بينهما..

  • الصحة نعمة سواء جسدية، عقلية أو نفسية.. وهي من النعم الواجبة المحافظة عليها وطلب استمرارها..

أصيب نبيل في صغره بشلل في رجله اليسرى بسبب ضرر في أعصابه، انتقل على إثرها لفرنسا لمعالجتها لكن دون فائدة، فأصبح يمشي بعكازين وجهاز يساعده على بسط وقبض عضلاته، بعدها بفترة وقعت له مشكلة في قلبه فأصبح مريض قلب أيضا، تدهورت حالته كثيرا إلى أن نقل إلى المستشفى ثم إلى آخر في بلجيكا، ظل هناك أشهر عديدة إلى أن اكتشف انه مريض بسرطان الدم (نقص كبير في الكريات الدموية البيضاء الفعّالة التي تساهم في الدفاع عن العضوية)، فبدأ في العلاج الكيميائي هناك وكما يعلم الجميع أعراض هذا العلاج بالإضافة إلى الآلام التي لا يطيقها السوّي فما بالك بضعيف المناعة.. قرر بعد ذلك الذهاب إلى العمرة وفي نفس الوقت زيارة دكتور في المستشفى السعودي الألماني لإجراء الحجامة لكن شاءت الأقدار أن توافيه المنية قبل عمرته، فدفن في جدة..

الحكيم من يعتبر أن الصحة أعظم نعمة للإنسان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »سَلُوا الله العَفْوَ والعَافِيَة،َ فإِنّ أَحَداً لَمْ يُعْطَ بعد اليَقِين خَيْراً مِنَ الْعَافِيَةِ «
فالحمد لله..

  • العقل نعمة والتفكير نعمة والخيال أيضا نعمة، به يمكنك أن تكون بأي شكل وفي أي مكان تريده وأي زمان تهواه.. دون تعب وشقاء الرحلة..
  هل تريد ان تكون في قاع البحار؟ لك ذلك.. أنت الآن هناك! في القطب الشمالي؟ نعم! وبجانبك دب أبيض؟ حاضر.. تأمر.. انه بجانبك واضعا بيده على كتفك كصديق العمر! (مع العلم أن الدببة القطبية تأكل اللحوم).
تريد أن تعيش في القمر، المريخ، عطارد..؟؟ لما لا! وتتنفس أكسجين حتى!! ستعيش اللحظة بكل تفاصيلها وأحاسيسها..
فالحمد لله على كل نعمك التي لا تعد ولا تحصى..

  • النسيان نعمة! عندما سمعتها لأول مرة على لسان احد مقدمي البرامج استغربت وقلت كيف أذهب لامتحاني وأنسى ما حفظته ويكون ذلك نعمة؟!!
 (ملاحظة: لا يمكن أن تنسى ما حفظته إلا إذا قمت بحشو المعلومات داخل رأسك في آخر دقيقة).
نعم النسيان نعمة.. فأن تنسى الآن لتفسح المجال لمعلومة جديدة خيرٌ من تخريب خلايا المخ بسبب الضغوط عليها..
تخيل ثقل الهموم والآلام والذكريات والمواقف وكل شيء حصل لك من يوم ولدت إلى الآن! تخيل وزن كل هذا في رأسك ينتقل معك أينما ذهبت وفي كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة يزيد ذلك الوزن.. ! تخيل كل ذلك في رأسك دون أن تنسى منه ولا تفصيل..!!!
الإنسان بطبيعته عندما يجول في رأسه أكثر من فكرتين يحدث له تشويش!!
وفي الأصل عندما تضع شيء في كيس وتتركه لمدة طويلة، ستكون النتيجة حتما =<< تعفن ورائحة كريهة!!!!
أوليس الآن النسيان نعمة! الحمد والشكر لله..

الحمد والشكر لك يا رب على كل نعمك التي أعلمها والتي أجهلها..

التي انتبهت لها والتي لم أنتبه اليها..

التي تذكرتها والتي نسيتها..

التي استطعت أن أعبر عنها والتي خانني التعبير فيها..

اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات والأرض وما بينهما..

الله لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى ..

اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك..

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله..